تطوير تطبيق لفحص السمع في المناطق الريفية
يشكل فقدان السمع أحد العوامل الأساسية المساهمة في زيادة حجم العبء العالمي للأمراض، إذا يصيب أكثر من 360 مليون شخص.
غير أنّ العبء الأكبر لفقدان السمع يتركز في مناطق من العالم النامي مثل أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وجنوب شرق آسيا، وآسيا المحيط الهادئ، حيث يوجد أكثر من 80 في المائة من المصابين بفقدان السمع.
ففي هذه المناطق، يعتبر فقدان السمع أكثر شيوعاً نتيجة انتشار المشكلات البيئية والاجتماعية، مثل الفقر والأمراض المعدية والمستوى المتدني للرعاية الصحية. كما أنّ الرعاية المتعلقة بالسمع، سواء على مستوى أخصائيي الرعاية الصحية أو المعدات، غائبة أو متوفرة بشكل محدود. وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، على سبيل المثال، لا يتوفر إلاّ أخصائي واحد في الرعاية الصحية المتعلقة بالسمع لكلّ نصف مليون شخص، إضافة إلى التكلفة الباهظة للمعدات السمعية التقليدية.
وتتمثل المأساة في إمكانية تفادي فقدان السمع أو التخفيف من حدّته بالكشف المبكر، مما يعني ضرورة توفير خدمات الرعاية الصحية المتعلقة بالسمع في عيادات الرعاية الصحية الأولية.
لذلك، فقد عملنا على إيجاد وسائل زهيدة التكلفة وفعالة لفحص الأشخاص المصابين بفقدان السمع في مواقع لا تتوافر فيها المعدات السمعية أو أخصائيو الأمراض السمعية. وتوصلنا بالفعل إلى إيجاد حلّ عبر تطبيق على الهواتف الذكية يمكن استخدامه في العيادات. ويوفر هذا التطبيق فحصاً يقدم نتائج مقبولة سريرياً وفق معايير السلامة الدولية، ويقدم اختباراً دقيقاً بجزء من تكلفة المعدات التقليدية المعروفة.
ويعتبر هذا التطبيق الأول من نوعه في العالم، ويمثل أداةً مثاليةً للدول النامية التي تعاني من نقص في المعدات. وعلى الرغم من دعوتنا لضرورة إجراء الفحوصات السمعية على مستوى العيادات، فقد بيّن تطبيقنا إمكانية إجراء فحص سمعي فعال عبر استخدام تطبيق على الهواتف الذكية.
المعيار الذهبي
أوصت منظمة الصحية العالمية بضرورة خضوع العاملين في مراكز الرعاية الصحية الأولية لتدريب أساسي في خدمات الرعاية الصحية المتعلقة بالسمع، تشمل تطهير فتيلة الأذن، وحقن شمع الأذن، ووصف العلاج اللازم لمشاكل الأذن الوسطى الشائعة.
ونظراً لعدم توافر آلات قياس السمع في عيادات الرعاية الصحية الأولية، فقد أوصت منظمة الصحة العالمية أيضاً في السابق، اعتماد مقاربة تستند إلى تقنيات بسيطة مثل إجراء فحص صوتي للأذن يختبر خلاله صوت الشخص على درجات مختلفة من الشدة. إلاّ أنّ فحص الصوت هذا قد يؤدي إلى نتائج غير موثوقة – ولم يعد مدرجاً ضمن قائمة برامج الفحوصات الموصى بها.
ولا يزال المعيار الذهبي في فحص السمع هو استخدام آلة قياس سمع النغمة النقية. فهذا الفحص يحدد الاستجابة لمجموعة من الأصوات تتراوح حدتها بين المنخفضة والعالية. ويجب أن يتم هذا الاختبار على يد أخصائي بالرعاية الصحية المتعلقة بالسمع ضمن بيئة تكون فيها الأصوات المحيطة منخفضة خلال الاختبار.
ولا يزال إجراء فحوصات قياس السمع في عيادات الرعاية الصحية الأولية يشكل تحدياً نظراً لصعوبة تأمين بيئة فحص مضبوطة، ما يجعل النتائج غير دقيقة في معظم الأحيان.
وعلى سبيل المثال، فعلى الرغم من توفر خدمات فحص السمع في المراكز الحضرية في جنوب إفريقيا، إلا أنّها غير متاحة في معظم العيادات.
اختبار سمعي ذكي
قامت دراستنا بتقييم استخدام فحص السمع من خلال تطبيق على الهواتف الذكية في عيادتين للرعاية الصحية الأولية. وركزنا اهتمامنا على معايير شملت دقة الفحص والوقت الكافي لإجراء الفحص.
وشملت الدراسة فحص أشخاص تراوحت أعمارهم بين الثالثة والسابعة والتسعين من العمر، واستغرق الفحص أقل من دقيقة لدى الكبار وأكثر من دقيقة بقليل عند الأطفال، وطابقت دقة الفحص وسائل الاختبار الموجودة.
كما تمكّن المرضى من الحصول على نتائج فحوصاتهم على الفور بعد إجراء الفحص، والذي أشار إلى حاجتهم أو عدم حاجتهم إلى تقييم سمعي لدى مزود معتمد للرعاية الصحية المتعلقة بالسمع.
وتمثلت السمات الحاسمة لنجاح التطبيق في تصميمه المرتكز على المستخدم بالإضافة إلى احتوائه على تدابير آلية للاختبار ومراقبة الجودة، مما يسمح لأي شخص يمتلك الحدّ الأدنى من التدريب استخدام هذا التطبيق لإجراء فحوصات سمعية دقيقة، وهو ما يعني بدوره أن المتخصص بالرعاية الصحية المتعلقة بالسمع لن يكون ملزماً بإجراء الاختبار في عيادة.
تقديم الحلّ
لا تُعطي الدول النامية الأولوية للخدمات السمعية، وذلك لأن الأنظمة الصحية مُثقلة بمجموعة الأمراض التي تهدد حياة سكان هذه المناطق.
ولكن توافر خدمات الرعاية الأساسية المتعلقة بالأذن والسمع في عيادات الرعاية الصحية الأولية يمكن أنّ يحدث فرقاً كبيراً في حياة ملايين الأشخاص، ويمكن لاختبار سمعي عبر الهواتف الذكية أن يلبي حاجة ماسة لدى أولئك الأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول حالياً إلى اختبارات الفحص.