انخراط المراهقين المهمشين في النشاط الاجتماعي قد يؤدي إلى توفير فرص عمل أفضل لهم
أظهر بحث جديد أن العمل الاجتماعي والمشاركة قد تساعد المراهقين المهمشين في حياتهم المهنية مستقبلاً، وخاصة إذا أتاح لهم المدرسون إمكانية البحث والمشاركة في القضايا الاجتماعية.
وأفاد الباحثون أن التطرق إلى قضايا العِرق وعدم المساواة في وقت تحتل فيه هذه المواضيع أبرز عناوين النقاشات الدائرة يومياً، يمكنه أن يساعد الطلاب المحرومين في بناء الوعي النقدي اللازم الذي سيمضي بهم نحو تحقيق النجاح عندما يصبحون راشدين.
وأشار البحث إلى أن الانخراط بمرحلة المراهقة في مجالات متعددة تتراوح من المشاركة الاجتماعية وصولاً إلى الاحتجاجات، غالباً ما يكون له أثر إيجابي على تحقيق الإنجازات الأكاديمية، ويؤدي إلى ضمان الحصول على وظائف ذات مستوى أعلى في مرحلة الرشد.
ويقول ماثيو دايمر، الأستاذ المساعد في كلية التربية بجامعة ميشيغن: "لدينا أدلة قوية على أن التطرق بصورة مباشرة لمشاكل عدم المساواة عوضاً عن تجنبها وإغفالها، يعتبر أمراً بالغ الأهمية بالنسبة للشباب المهمشين تاريخياً. ويعني هذا الأمر أنه عندما يقوم أخصائيو التعليم بتوفير مساحة للطلاب لبحث ومناقشة مسائل عدم المساواة، فإن هؤلاء الطلاب يشاركون باهتمام أكبر ويتعلمون المزيد".
ويشير دايمر إلى أن مثل هذا التوجه يتيح للمدارس تحقيق مهمتها في إعداد جميع الطلاب لتحقيق النجاح، ويساعد الطلاب في الحصول على فرص عمل أفضل وذات مردود مادي أعلى.
ويوضح أنه يجب على المدرسين اغتنام الفرصة للتطرق إلى المعضلات المتعلقة بعدم المساواة الاجتماعية، الكبيرة منها والصغيرة، مشيراً إلى القضايا المثيرة للجدل التي برزت حديثاً مثل قضية اضطرابات "تشارلوتسفيل" وقضية جلوس أعضاء فريق "إن إف إل" على ركبهم خلال عزف النشيد الوطني، كأمثلة ملائمة تماماً للمواضيع الكبيرة التي يجب على المدرسين عدم تجنبها.
ويبيّن دايمر أن القضايا الأخرى التي تظهر في مدارس منفردة تشمل الفصل والتمييز بين الطلاب في قاعات تناول الطعام، أو التباينات العرقية في القواعد المدرسية أو فرض قواعد اللباس في المدرسة، والتي يجب التوصل لحلول لها من وجهة نظره.
لكن بناء الوعي اللازم يتطلب أكثر من المناقشات المجردة، ويقول لوك رابا، الأستاذ المساعد للتطور خلال مرحلة المراهقة في كلية التربية بجامعة كليمسون، إن الإجراءات الاجتماعية يمكنها أن تأخذ شكل التطوع بالوقت أو المال لمجموعات العمل السياسي، أو المشاركة في مجموعات حقوق المرأة، أو حتى المشاركة في احتجاجات.
ويتابع رابا: "لقد كان لدى الشباب في العينة التي قمنا بدراستها والذين شاركوا في أعمال اجتماعية، توقعات أكبر فيما يخص مسار حياتهم المهنية مستقبلاً. يشير هذا الأمر إلى أن الطلاب الذين شاركوا في أعمال اجتماعية يأخذون الوقت الكافي لمعاينة محيطهم بصورة نقدية. ويساعد التفكير النقدي على تحفيزهم، وهذا الشعور بالتحفيز هو ما يؤدي إلى نتائج مثمرة في أي مسار مهني سيختارونه مستقبلاً".
واستندت الدراسة إلى بيانات مستقاة من دراسة بعنوان: "تطور المراهقين في ماريلاند في دراسة سياقية"، والتي سلطت الضوء على عينة من الأطفال من 23 مدرسة عامة متوسطة في ماريلاند منذ عام 1991. وكان كل من رابا ودايمر وجوزفينا باناليس من جامعة ميشيغن قد درسوا عينة فرعية من هؤلاء الطلاب تتراوح أعمارهم ما بين 17-29 عاماً، والتي شملت مشاركين من الطبقات الفقيرة والعاملة من الأمريكيين من أصل أفريقي.
وتمحور اهتمام دايمر حول القضايا المتعلقة بالوعي النقدي، منذ أن عمل مع أطفال المدارس ولاحظ الجهد الذي كانوا يبذلونه من أجل فهم عدم المساواة في سياق حياتهم اليومية. ويأمل دايمر بأن يظهر الأثر الحقيقي للبحث في مثل هذه الأوضاع. كما تشير نتائج الدراسة إلى أنه يجب على المربين التطرق إلى المواضع المتعلقة بالعدالة الاجتماعية في الصفوف بدلاً من محاولة النأي عنها.
ويقول دايمر بأن الخوف من تثبيط عزيمة الطلاب أو التحدث من وجهة نظر سياسية مبالغ فيها في الفصول الدراسية، إلى جانب الشعور بعدم الاستعداد التام، يجعل المدرسين يتجنبون التطرق إلى مثل هذه المواضيع. ويأمل الباحثون بأن تساعد النتائج التي سيتم التوصل إليها المدرسين والإداريين على إدراك قيمة فتح النقاشات بشأن هذه القضايا.
ويقول رابا: "من المفيد إدراك بأنه عبر التطرق إلى هذه القضايا والمساعدة في تطور الوعي النقدي لدى الطلاب، فإن المربين يقومون في حقيقة الأمر بفتح الباب أمام الشباب المهمشين لتخطّي النظم التي تعمل على تهميشهم في المقام الأول".