المغزى، لا الأشياء اللامعة، هو ما يجذب انتباه أعيننا
أظهر بحث جديد أن انتباهنا البصري يتجه بشكل رئيسي إلى الأشياء التي تحمل مغزى معينا في المشهد، لا للأشياء "البارزة".
وترى أعيننا مجال رؤية واسعا أمامنا، ولكنّنا نركز انتباهنا على جزءٍ صغير فقط من هذا المجال. فكيف نقرر أين نوجه انتباهنا دون التفكير بذلك؟
يقول جون هندرسون، بروفيسور علم النفس في جامعة كاليفورنيا ديفيس، والذي قاد البحث الجديد، بأنّ "البروز المرئي" هو النظرية السائدة في دراسات الانتباه. ونقصد بالبروز الأشياء "البارزة" في الخلفية، مثل حبات توت ملونة على خلفية من الأوراق أو جسم مضاء في غرفةٍ ما.
وتقلب النتائج الجديدة نموذج الانتباه البصري، المعتمد على نطاق واسعٍ، رأساً على عقب. ويضيف هندرسون: "سيتوجب على الكثير من الأشخاص التفكير مرةً أخرى بمفهوم الأشياء، إذ أن فرضية البروز هي بالفعل النظرة السائدة حالياً".
ويعتبر البروز أمراً سهل القياس نسبياً حيث يمكن على سبيل المثال تحديد كمية البروز في مناطق مختلفة في صورةٍ ما من خلال قياس التباين أو السطوع النسبي.
وأطلق هندرسون على هذا الأمر اسم "نظرية طائر العُقعُق": إذ ينجذب انتباهنا إلى الأشياء اللامعة والبراقة.
ويتابع قائلاً: "من الواضح أن هذا الأمر لا يمكن أن يكون صحيحاً"، وإلّا لتعرضنا لتشتت الذهن بشكل مستمر.
بدأ هندرسون وتايلور هايز، الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه، باختبار ما إذا كان الانتباه يتوجه في الواقع إلى "المغزى" الذي يمكننا أن نجده في منطقة محددة ضمن نطاق الرؤية. وتوجّب عليهم في البداية وضع "خرائط المغزى" لمَشاهد الاختبار، حيث جسّدت أجزاء مختلفة من المشهد مستويات مختلفة من المغزى بالنسبة لمراقب معين.
وبغرض وضع "خرائط المغزى" عمل هندرسون وهايز على أخذ صور للمشاهد وتقسيمها إلى أجزاء دائرية متداخلة وتقديمها إلى شركة "ميكانيكال تورك" لخدمات التعهيد الجماعي على الإنترنت، وطلبوا من المستخدمين تقييم هذه الأجزاء من حيث المغزى.
وبناءً على نتائج التصويت، قام الباحثون بتحديد مستويات المغزى لمناطق مختلفة من الصور، وعملوا على وضع خرائط للمغزى يمكن مقارنتها بخرائط البروز الخاصة بالمشهد ذاته.
وقام الباحثون بعد ذلك بتتبع حركة عيون المتطوعين أثناء نظرهم إلى المشهد، ووفرت مسارات العيون للباحثين خرائط تُمثّل أجزاء الصورة التي جذبت أكبر قدرٍ من الانتباه. وكانت "خرائط الانتباه" هذه أقرب إلى "خرائط المغزى" منها إلى "خرائط البروز"، وفقاً لهندرسون.
وعلى الرغم من أن هندرسون وهايز لا يملكون بياناتٍ حاسمة عن طبيعة ما يجعل جزءاً من المشهد ذا مغزى، إلّا أنهم قد كوّنوا بعض الأفكار في هذا الشأن. فعلى سبيل المثال جذبت طاولةٌ أو رفٌ غير مرتب انتباهاً أكثر من رقعة بارزة من ضوء الشمس على أحد الجدران. ويأمل الباحثون بتطوير "تصنيف للمغزى" عبر المزيد من العمل، وفقاً لهندرسون.
ويختتم هندرسون قائلاً بأنه على الرغم من سعي البحث إلى تكوين فهمٍ أساسي لكيفية عمل الانتباه البصري، فقد يكون هناك بعض التطبيقات له على المدى القريب، مثل تطوير الأنظمة البصرية الآلية التي تسمح لأجهزة الكمبيوتر بإجراء مسح للقطات المراقبة الأمنية أو التعرف على الصور بشكل آلي وتوضيحها عبر شبكة الإنترنت.