الفضاء يكتب فصول جديدة في تعاون الحكومات لمستقبل أفضل للبشرية
أكد خبراء وعلماء متخصصون في مجال الفضاء والفيزياء الكونية أن مهام استكشاف الفضاء التي تتسابق إليها حكومات العالم يجب أن تتكامل وتؤسس لمزيد من التعاون وتنسيق الجهود بما يسهم في إيجاد حلول مبتكرة للتحديات وتطوير تقنيات ومشاريع فضائية متقدمة للوصول إلى معلومات وبيانات حيوية تساعد المجتمع العلمي على استكشاف الفضاء وبناء فرص جديدة لتحسين حياة الناس وصناعة مستقبل أفضل للبشرية.
جاء ذلك خلال جلسة افتراضية بعنوان "السباق نحو الفضاء: الفصل القادم للبشرية"، ضمن فعاليات اليوم الثاني من حوارات القمة العالمية للحكومات، التي تعقد برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، وبمشاركة قادة ومتحدثين عالميين ونخبة من الخبراء وعدد من مسؤولي المنظمات الدولية، ورواد الأعمال من مختلف أنحاء العالم، لبحث أبرز الاتجاهات العالمية الجديدة ومشاركة الرؤى والأفكار الهادفة لتعزيز جاهزية الحكومات في مواجهة التحديات المستقبلية.
وأشار المشاركون في الجلسة وهم الدكتور نيل ديغراس تايسون عالم الفيزياء الفلكية، واللورد مارتن ريس خبير الفيزياء الفلكية والكونية، وأدارها باتريك نواك المدير التنفيذي لمركز الثورة الصناعية الرابعة في دولة الإمارات، إلى أن عام 2021 يشكل نقطة تحول فارقة في مجال استكشاف الفضاء وصناعاته، وتعزيز فهم المجتمع العلمي العالمي لكوكب المريخ الذي وصلت إليه في فبراير الماضي 3 بعثات فضائية بنجاح أولها "مسبار الأمل"؛ الذي سيوفر 1000 غيغابايت من البيانات العلمية الجديدة التي ستتاح للمجتمع العلمي العالمي ما سيشكل نموذجاً فريداً في التعاون مع شركاء المعرفة في قطاع الفضاء.
اقتصادات المستقبل تقوم على الابتكار في العلوم والتكنولوجيا والهندسة
وأكد تايسون أن رؤية الشراكات العالمية في مجال استكشاف الفضاء وتحولها إلى واقع عملي تشكل خطوة مهمة لتعزيز تبادل المعارف والخبرات والبيانات، فالفضاء يتسع للجميع، والمجموعة الشمسية هي الأفق الأوسع لكوكب الأرض، مشيراً إلى أهمية استكشاف الفضاء والصناعات المرتبطة به وتحفيز الأجيال الجديدة على الاهتمام بالعلوم، خصوصاً أن اقتصادات المستقبل تقوم على الابتكار في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ولا شيء يحفز اهتمام الأجيال الصاعدة بهذه التخصصات مثل مهام استكشاف الفضاء.
وقال إن استكشاف الفضاء هي الفكرة الأقوى والأكثر إلهاماً لنا كبشر على كوكب الأرض لأنها ترتقي بأفكارنا وتفتح الآفاق لطموحاتنا فالتفكير بالمستقبل هو حافز أساسي لصناعته وتصميمه كما نتخيله، مؤكداً ضرورة استبعاد الأفكار مثل استعمار المريخ أو إرسال مليار إنسان إليه هرباً من الكوارث في الأرض، لأنه من الأسهل على البشرية بكثير الحفاظ على كوكب الأرض واستدامة موارده بدل التفكير باستبداله بالحياة على الكوكب الأحمر.
الشباب المبتكِر
واعتبر تايسون أن الفضاء سيبقى حقلاً ملهماً للشباب وهو المجال الذي يتوجب توفير الدعم لهم فيه، لأن الأجيال القادمة سترى العالم من منظور أوسع، وتفكر على نطاق عالمي بعد أن أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياتها اليومية، مشيراً إلى الثقة بأجيال المستقبل وبقدرتها على معالجة التحديات التي يواجهها كوكب الأرض، فالابتكار في مجال الفضاء هو القيمة المضافة والجبهة الجديدة للإبداع البشري.
روح الطموح وحس المغامرة من أهم أسباب استكشاف الفضاء
من جهته، أكد اللورد مارتن ريس أن انخفاض تكاليف استكشاف الفضاء بشكل ملحوظ خلال العقود القليلة الماضية يفسح المجال أمام المزيد من دول وحكومات العالم للانضمام للمجهود الدولي لاستكشاف الفضاء، مشيراً إلى أهمية فهم الأسباب التي تدفع الإنسانية لاستكشاف الفضاء ورصد الميزانيات وتخصيص نخبة من أفضل العقول والكفاءات لتطوير صناعاته.
وقال ريس إن إيجاد مقومات للحياة على كوكب مثل المريخ أو غيره سيعني أن هناك فرصة لإيجاد أسباب الحياة في كواكب ومجرات أخرى، حيث إن روح الطموح وحس المغامرة هي من أهم الأسباب التي دفعت الإنسان لاستكشاف الفضاء، مؤكداً أهمية الاعتماد على المعطيات العلمية الدقيقة في التعامل مع التوقعات المستقبلية في قطاع الفضاء، كما في البيئة القاسية لكوكب المريخ التي تفوق في تحدياتها مصاعب العيش على قمة جبل إفريست أو حتى في القطب الجنوبي.
الجدير بالذكر، أن القمة العالمية للحكومات تشكل منصة عالمية رائدة تجمع تحت مظلتها نخبة من قادة الحكومات والوزراء وكبار المسؤولين وصنّاع القرار ورواد الأفكار والمختصين في الشؤون المالية والاقتصادية والاجتماعية من مختلف دول العالم، وتهدف لمشاركة الرؤى والأفكار والمقترحات وتبادل الخبرات والمعارف والتجارب الملهمة، لإيجاد حلول مبتكرة للتحديات العالمية وتصميم التوجهات الجديدة ومستقبل الحكومات بما يسهم في صناعة مستقبل أفضل للأجيال القادمة.