رحلة البحث عن السعادة
على الرغم من صعوبة تحديد مفهوم السعادة، وتباين مفهومها من شخص إلى آخر، فإن هناك مؤشرات تتيح قياس سعادة الأفراد، سواء على المستوى الشخصي أو العام، ومدى رضاهم عن حياتهم الشخصية أو عن مجتمعاتهم وبلدانهم.
وقد سعى د. دانيل غيلبرت، بروفيسور علم النفس بجامعة هارفارد إلى تحديد مفاهيم السعادة خلال جلسة بعنوان "رحلة البحث عن السعادة" حيث أكد أن "السعادة" تختلف من شخص إلى آخر، كما يصعب قياسها إلا أنه من الممكن قياس "العوامل المؤثرة بها".
وأضاف بأنه على الرغم من امتلاك الناس لكل ما يريدون، إلا أنهم يفتقدون السعادة، وتساءل قائلاً: "كيف لا نصبح سعداء عندما نحصل تحديداً على كل ما كنا نهدف إلى تحقيقه؟ لا بد إذاً أن أهدافنا نفسها كانت خاطئة".
وقدم د. غيلبرت دراسةً اعتمدت على توجيه أسئلة لأشخاص يبلغ عمر كل منهم 18 عاماً عن كم التغير الذي سيطرأ على حياة كل منهم في غضون السنوات العشر المقبلة. فأجابت غالبيتهم بأنه لن يطرأ الكثير من التغير على حياتهم. وعندما تم سؤال أشخاص يبلغ عمر كل منهم 28 عاماً عن كم التغير الذي طرأ على حياة كل منهم خلال السنوات العشر الماضية، أجابوا: الكثير من التغيرات. ثم تم توجيه نفس السؤال إلى أشخاص من فئات عمرية مختلفة، وكانت النتيجة النهائية التي توصلت إليها الدراسة أن عقول الناس قد قللت من قيمة التغير الذي يخضعون له على مدى السنوات أو العقود المقبلة، فلأننا لا نعلم تحديداً كم التغير الذي سيطرأ على حياتنا، فإننا نخطط لمستقبل يلبي أولوياتنا الحالية أكثر من المستقبلية.
وقال غيلبرت: "نحن نسكن الزمن الحالي، سجناء اللحظة، ونجد أنه من المستحيل أن نحرر أنفسنا من الحاضر عندما نحاول أن نتخيل المستقبل". وثمة مصدر آخر للسعادة هو إصغاؤنا لما تمليه علينا الثقافة، وهو ليس بالضرورة صواباً. وأشار إلى أن الناس لا يدركون ما سيجعلهم سعداء لأن ثمة عيوب ونقائص تشوب المَصدرَين الرئيسيين لتحديد مفهوم السعادة لديهم وهما الخيال الشخصي وما تقوله العائلة. فقد أتاحت لنا موجات الحداثة المتتالية محاكيات يمكنها التنبؤ بإخفاقات وتفضيلات المستقبل. إلا أن محاكيات الحياة، وعلى عكس محاكيات الطيران، تُخفِق بشكل روتيني وغير مُتَوَقًع.
وقال د. غيلبرت أن البحث عن السعادة هو سؤال العصر، وأن العلماء جميعاً اليوم بدؤوا يسعون لمعرفة آلية الحصول عليها، ومحاولة فهم مؤشراتها، مشيراً إلى أن أهم عوامل قياس السعادة تتمثل في الثروة والزواج والأولاد وحرية الاختيار والصحة وطول العمر.
كما أضاف غيلبرت إلى هذه القائمة عنصراً جديداً هو "إدراك الفساد"، لأن إدراك المواطن بوجود فساد في بلده يؤثر سلباً على مقدار سعادته.
وحظيت دولة الإمارات بإشادة بارزة في هذا المجال، حيث قال "عندما يشعر المواطن بأن هناك من يعتني به وبرفاهيته فإن ذلك يشعره بالامتنان والسعادة، وأنتم في دولة الإمارات تنعمون بذلك"، معتبراً أن دولة الامارات تتمتع بمؤشرات سعادة مرتفعة.