جلسة "العالم سنة 2050"
التقنيات تغير شكل العالم الذي نعرفه
اصطحب الدكتور بيتر ديامانديس المؤسس المشارك لجامعة سينغولاريتي ومؤسس جائزة "إكس برايز" المشاركين في جلسة "العالم عام 2050" في رحلة استعرض فيها عدد من أبرز التوجهات التي تحكم عمليات التغيير الجارفة التي يشهدها عالمنا في مختلف المجالات.
كما تحدث الدكتور بيتر ديامانديس حول دور الابتكار في تغيير شكل العالم الذي نعرفه، وقدم 9 أمثلة في هذا المجال تتراوح بين الذكاء الصناعي والطابعات ثلاثية الأبعاد.
وقال الدكتور ديامانديس في كلمته: لن أحدثكم اليوم عن العقود المقبلة فقط، وإنما سأحدثكم أيضاً عن الإبتكار، وعما يتيحه لنا من إمكانيات هائلة في حياتنا. إذ تواصلت الزيادة السكانية في العالم، حتى بلغ عدد سكان الأرض 7 مليارات نسمة في عام 2010، مما يعني أننا نحتاج إلى تلبية المزيد من الاحتياجات، كما يقتضي منا أن نتطور، إلا أننا لن نتطور إذا ظللنا ننظر إلى العالم بنفس النظرة التقليدية، والتي أسمها "النظرة المستقيمة".
وأضاف "كان العالم فيما مضى "مستقيماً"، بمعنى أن الإنسان كان يتأثر بما يحدث في يومه فقط. إلا أن العالم قد تغير الآن بطريقة جذرية، وبات ما يحدث الآن يغير في حياة البشر لعدة سنوات مقبلة.
ولكن المشكلة الحقيقية هي أن غالبيتنا يفكر بطريقة "مستقيمة" في عالم لم يعد "مستقيماً"، فإذا كنت رئيساً تنفيذياً لشركة تهتم بالأرباح، وجاءك طفلٌ صغير باختراع أو فكرة مبتكرة من شأنها زيادة ارباح شركتك ولم تعبأ به، فأنت إذن تفكر بطريقة مستقيمة. وقد حدث ذلك تحديداً مع شركة كوداك الشهيرة، فقد كانت كوداك في الماضي تحقق أرباحاً كبيرة ويعمل بها 140 ألف موظف، وحينما جاءها "ستيفن ساسون"، مخترع الكاميرا الرقمية، والتقى بأعضاء مجلس إدارتها حاملاً معه أول كاميرا رقمية، قائلا لهم بأن هذه الكاميرا الجديدة هي مستقبل كوداك، استهزءوا وسخروا منه. ونعلم جميعاً ما حدث بعد ذلك، فقد أفلست شركة كوداك في عام 2012، وانتهت تماماً من الوجود. انتهت لأن أعضاء مجلس إدارتها كانوا يفكرون بطريقة "مستقيمة".
وفي العام نفسه (2012) قامت شركة فيس بوك بشراء شركة صغيرة تسمى "انستغرام"، ولم يكن يعمل بها آنذاك سوى 13 شخصاً. لكن فيس بوك دفعت فيها مبالغ طائلة. وهذا هو الفارق بين شركة تفكر بطريقة مستقيمة وشركة أخرى تنتهج التفكير الإبداعي المذهل الذي يتطلع إلى القفز في خطوات عملاقة.
وأكد الدكتور ديامانديس أن الشركات التي تفكر بطريقة مستقيمة تفشل. ولهذا من المتوقع أن تشهد السنوات العشرة المقبلة اختفاء 40 % من أكبر الشركات العالمية المدرجة في قائمة فورتشون لأكبر 500 شركة.
ونحن نقوم في جامعة سينغولاريتي بتدريس التكنولوجيا التي تضاعف النتاج يومياً وتعزز الإبداع والإبتكار، من خلال ما يسمى بـ"لتكنولوجيا المتفجرة". إذ نقوم على مدى عشرة أسابيع بتدريس هذه التكنولوجيا المتفجرة ثم نُعَلٍم شبابنا في الجامعة كيف يبتكرون شركات تحقق أرباحاً بعد 10 سنوات.
وقال: نسعى في "جائزة إكس برايز" إلى تحفيز المبتكرين، ولكن هذا لا يكفي، حيث لا يأتي الابتكار بتقديم الحوافز فقط، وإنما يأتي أيضا بطرح الأسئلة الهامة وترك المبتكرين والمبدعين يحاولون الإجابة عنها، فيتأتي الابتكار في سياق بحثهم عن الإجابة.
وأستعرض الدكتور ديامانديس أمثلةً لعددٍ من التقنيات فائقة التطور التي غيرت وستغير حياتنا جميعاً، وقد شملت هذه الأمثلة:
المثال الأول: تشاهدون الآن جهاز كومبيوتر ضخم يرجع تاريخه إلى عام 1982. كان يحتاج إلى حقيبة ضخمة لحمله، وكان سعره باهظا. وبالمقابل، انظروا إلى جهاز الـ"آي فون"، الذي ظهر بعد هذا الجهاز الضخم بنحو 25 عاماً. انظروا إلى الفرق بين الجهازين، وشاهدوا كيف تقلص الحجم والسعر، بينما قفزت الإمكانيات والتقنيات في غضون 25 عاماً.
المثال الثاني: هذا هو أول جهاز لتحديد المواقع الجغرافية (GPS)، وكان سعره مائة وعشرين ألف دولار. وهذا هو الجهاز الحالي، حجمه لا يتجاوز عقلة الأصبح، بينما انخفض سعره إلى ما دون الخمسمائة دولار. وهذا هو التطور: الأسعار والأحجام تتهاوى، بينما لا تكف القدرات عن الارتفاع.
المثال الثالث: انظروا إلى الوتيرة التي تتطور بها أجهزة الكومبيوتر، حيث نرى كل يوم أجهزة كومبيوتر أسرع وأرخص من اليوم السابق. فالثابت الوحيد في عالمنا هو التغيير، وحتى التغيير نفسه بات يتم بسرعات ونسب متزايدة.
كما سيؤدي التلاحم التكنولوجي إلى توحيد العالم، وهذا ما نحاول القيام به في جامعة سينغولاريتي. فقد بات رجل الأعمال الآن يمتلك مستوى القدرات التي كانت لا تتمتع بها سوى الحكومات أو الدول منذ عشرين عاماً أو ربما عشرة أعوام.
المثال الرابع: الذكاء الإصطناعي الذي بات يغير العالم الآن بسرعة مذهلة، علماً بأن 1 % فقط من هذا الذكاء الإصطناعي متوفر في جهاز الآي فون. وقد قامت شركة "آي بي إم" منذ سنتين بإجراء عرض يتم من خلاله طرح أسئلة وتلقي الأجوبة عليها، وذلك ضمن برنامج يسمي "آي آي". ويستطيع أي مراهق في مومباي استخدام هذا البرنامج في طرح أي سؤال عن أي شيء في العالم ويتلقى الإجابة عنه. ويمكن لهذا البرنامج أن يترجم إلى 80 لغة، وكذلك يمكنه القراءة والكتابة. وسيصبح هذا البرنامج أفضل طبيب وكذلك أفضل مدرس، وسيقدم خدماته إلى كافة الأشخاص من كافة الفئات الاقتصادية والاجتماعية.
المثال الخامس: دعونا الآن نتحدث عن الروبوتات. وأريد منكم التركيز على هذه الروبوتات وكيف تتجول في الشارع، تتسوق، بل وتستجيب إذا تعرضت لركلة من أحد الأشخاص.
ما أحدثكم عنه لن يحدث بعد 50 عاماً، وإنما نحن بصدد الحديث عن شيء يجري حالياً وبات حقيقةً ملموسة، حيث يتم انتاج الروبوتات بشكلٍ متزايد. ولكن المهم هو الكيفية التي سيتم فيها استغلال الروبوتات في القطاع التجاري، ذلك أنها ستؤثر على عملية التسوق، وكذلك على الشركات التي توظف عدداً كبيراً من الأشخاص. وستتافس الروبوتات مع الأيدي العاملة في دول مثل الإمارات العربية المتحدة، حيث تستطيع الروبوتات القيام بأغلب الوظائف، مما سيغني الدولة مستقبلاً عن استقطاب الأيدي العاملة من الخارج.
أما عن جديد الروبوتات في مجال الطب، فهو إجراء العمليات الجراحية عن بعد.
المثال السادس: هذه سيارة جوجل ذاتية القيادة، حيث يمكن للروبوت بقيادتها في الشارع، وهناك رادار في سقف السيارة يرصد كل شيء يحدث في الشارع. وتستوعب هذه السيارة ما يدور في محيطها بشكلٍ تام عن طريق الرادار.
المثال السابع: أجهزة الاستشعار، فإذا كنتم ترغبون في معرفة ما تقوم به الشركات المنافسة لشركاتكم، فستساعدكم أجهزة الاستشعار في ذلك، نحن ننتقل إلى عالم به تريليونات من أجهزة الاستشعار التي تلتقط كافة الأشياء. والسؤال الآن: هل ستنتهي الخصوصية أم لا، ومن شأن الإجابة على هذا السؤال أن تقود إلى تغيير طبيعة عمل الحكومات، ونظرتنا إلى الخصوصية.
المثال الثامن: الطابعات ثلاثية الأبعاد التي تستطيع طباعة أجسام سداسية الأضلاع أو أي أجسام أخرى. ويتم أيضا استخدامها في قطاع البناء، وربما يتم استخدامها في طباعة المنازل، الأطعمة والأعضاء البشرية.
ويعني هذا أننا نتجه إلى عالم يتلاشى فيه تأثير المكان، حيث يمكنك الطباعة من مكانك لأن الحوسبة السحابية تسمح لك بذلك.
المثال التاسع والأخير هو الجينات، فنحن ندخل في عالم نستطيع فيه معرفة تفاصيل كل شخص في الإمارات. وبالتالي، متابعة البيانات الصحية وبرامج الرعاية الصحية، كما ستعمل تقنية الجينات على رفع متوسط عمر البشر إلى 150 عاماً.