تعتبر الخدمات الصحية إحدى أهم أولويات الحكومات وتحتل النصيب الأكبر من الميزانيات العامة حيث أن لها الأثر المباشر على سعادة المجتمع وإنتاجية الدول.

وفي جلسة تحت عنوان "توفير خدمات صحية فعالة: الجيل القادم من الخدمات الحكومية الصحية"، أكدت الدكتورة كاثرين مور، أن التقدم التكنولوجي بات يلعب دورا حيوياً في مكافحة الأمراض والاستفادة من البيانات والمعلومات لتوفير خدمات صحية أفضل. ونوهت إلى أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الحكومات من أجل الاستفادة من التقدم التكنولوجي وما يوفره من فرص للتحقيق خدمات صحية أفضل.

وقالت مور في الجلسة التي تحدث بها أيضاً الدكتور ألين واي- لون شيانج، رئيس مجموعة مستشفيات هونج كونج: "هناك علاقة قوية بين متوسطات الأعمار ودخل الأفراد، فقد ساعد ارتفاع الدخول ومستويات الرعاية الصحية في دول أوروبا وأمريكا في زيادة متوسط الأعمار غير أنه ارتبط بزيادة استهلاك الأغذية وأدى بدوره إلى انتشار السمنة كما ظهرت العديد من الأمراض.

وأوضحت مور أن معدلات انتشار مرض السرطان في منطقة الشرق الأوسط يقل عن معدلات انتشارها في أنحاء أخرى من العالم نظرا لأن المجتمعات في الشرق الأوسط تتسم بكونها شابة وأصغر سنا عن نظيراتها في الدول الأخرى، أما أوروبا والدول المتقدمة فتعاني من أن المجتمعات فبها كبيرة ومسنة.

وشددت مور على ضرورة التركيز بشكل دائم على الوقاية باعتبارها العلاج الأفضل لأمراض السرطان والقلب، ففي الحالات التي لا تؤدي فيها الوقاية إلى منع الإصابة المرض يأتي دور التقدم التكنولوجي وما يوفره من قدرات لتوفير خدمات صحية وعلاجية أفضل.

وأشارت مور إلى أنه حتى أواخر الثمانينات كانت الجراحة التقليدية هي الخيار الوحيد، غير أنه ظهرت لاحقا العديد من التقنيات الحديثة التي حلت مكان الجراحة المفتوحة (مثل الروبوت الآلي دافنشي) التي تتيح إجراء جراحة داخل الجسد دون فتح في جسم الانسان.

وقالت مور إنه منذ ذلك الحين، بدأ العمل على الحد من التدخل الجراحي من خلال الانتقال من الجراحات الكبيرة إلى جراحات الثقوب القليلة رغم ارتفاع كلفتها. وقد تم في هذا الإطار، استخدام 2700 روبرت آلي "دافنشي" في العديد من الدول.

وبدوره تحدث الدكتور ألين واي-لون شيانج، رئيس مجموعة مستشفيات هونج كونج حول تطور خدمات الرعاية الطبية والصحية في هونج كونج حيث قال: تشتهر هونج كونج بتطور نظامها الصحي وبتقديمها خدمات رعاية صحية متطورة، لجميع المواطنين والمقيمين حيث تنفق الحكومة 16 % من إجمالي موازنتها على الرعاية الصحية التي تعتمد على مكونات رئيسية تشمل: تطبيق نظام رعاية صحية فعال، تحقيق إدارة عالية الجودة من خلال فرق عمل مؤهلة ومدربة، الأمر الذي يتيح توفير رعاية صحية فعالة.

وأضاف بقوله: يتجسد المستوى الصحي المتطور للعناية الصحية في هونج كونج من خلال انخفاض معدلات الوفيات، وتدني معدلات الإصابة بالسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية. فعلى الرغم من أن مرض السرطان يعد معضلة إلا أن هناك انخفاضا في عدد المصابين به، كما أن انتشار أمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم مرتبط في الغالب بالفئات العمرية العليا (كبار السن). وقد تم أيضاً تسجيل انخفاض في المشكلات العقلية والنفسية نتيجة انتشار الوعي لدى الجمهور وحرصه على اعتماد ممارسات صحية مثل الرياضة، إلى جانب تراجع نسبة المدخنين خاصة بعد تقييد مبيعات التبغ وفرض قيود على التدخين.

وقال الدكتور ألين "سمح تطبيق بعض البرامج الصحية بالسيطرة على بعض الأمراض إذ تراجعت نسبة المصابين بالسرطان بسبب برامج الفحص المبكر، كما ساعدت التطعيمات ضد فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي في التعامل مع المرض وذلك بالتزامن مع تصاعد الوعي الجماهيري به.

وأشار إلى أن حكومة هونج كونج تغطي 44% من تكلفة الرعاية الصحية بينما يتولى القطاع الخاص تغطية باقي الكلفة. وأوضح أنه يجرى التخطيط بشكل مسبق لتقديم خدمات الرعاية الطبية والصحية في مختلف المواقع الجغرافية كما يتم استخدام نهج يمزج بين الأرقام المتاحة والتحليل من أجل توقع نمو الاحتياجات على مدى الـ 20 سنة المقبلة.

وقال: سيرتفع عدد السكان بشكل ملحوظ على مدى العقدين المقبلين، كما ستتنامى متوسطات أعمار السكان، وهو ما يتطلب قدراً أكبر من الرعاية الصحية، حيث أن كبار السن يحتاجون إلى عناية طبية وصحية تزيد بنحو 9 مرات عما يحتاجه الشباب، ويتعين لذلك أن يكون هناك تقييم دقيق للاحتياجات ووضع أولويات للاستثمار في هذا المجال.