English
s

الرابط العلمي بين السعادة والغذاء

Food and Happiness

تنتشر الفكرة القائلة بأنّ بعض الأطعمة تمنحنا شعوراً بالارتياح عندما نكون تعساء أو تجعلنا نشعر بتحسن عندما نكون مرضى– في جميع أنحاء العالم. وتتنوع المأكولات المفضلة التي تملأ ثلاجاتنا وخزائننا من حساء الدجاج إلى البيض المسلوق، ومن الشوكولا إلى أطباق الحلويات.

 

وبالفعل، تتزايد اليوم الأدلة العلمية التي تدعم الفكرة القائلة بأنّ ما نأكله -وكيف يغير ذلك بكتيريا الأمعاء لدينا- قد يكون مرتبطًا فعلياً بمدى شعورنا بالتوتر أو الاكتئاب وبكيفية تفاعلنا مع الإشارات التي ترسلها لنا أدمغتنا.

 

يتمثل الموضوع الرئيس لهذا البحث في الميكروبيوم، وهو منظومة شاسعة من الكائنات الحية مثل البكتيريا والخمائر والفطريات والفيروسات والأوليات التي تعيش في أمعاء الإنسان. ويمكن أن يصل وزنها مُجتمعةً إلى كيلوجرامين في كلّ إنسان، ويرى العديد من العلماء في يومنا هذا أنه يجب التعامل مع الميكروبيوم كعضو في الجسم في حدّ ذاته.

 

شعور فطري

 

تقوم العناصر المكونة للميكروبيوم بتفكيك الطعام واستخلاص العناصر المغذية التي تحتاجها أجسادنا، لكن البحوث التي أجريت خلال العقد الماضي تُشير إلى وجود علاقة بين الأمعاء والدماغ، وإلى أنّ الميكروبيوم يؤثر على مجموعة كبيرة من الجوانب الصحية، بما في ذلك الوزن، والالتهاب، والحساسية، والتوتر.

 

كما يُفرز نحو 80 – 90% من مادة السيروتونين، وهي هرمون يؤثر على المزاج والقلق والسعادة، في الأمعاء. وتُشير الأدلة، وفقاً للباحث العلمي الأول في كلية الطب بجامعة ستانفورد، إيريكا سوننبرغ، ، إلى أنّ البكتيريا المعوية تحفّز إنتاج السيروتونين.

 

بالإضافة إلى ذلك، ينشأ العصب المبهم، الأطول في جسم الإنسان، في جذع الدماغ وينتهي في الأمعاء، وهو بمثابة الطريق السريع للاتصال بين المنطقتين، إذ يعمل على إرسال إشارات التوتر والقلق والخوف في جميع أنحاء الجسم.

العودة إلى الطبيعة

 

يكمن الخبر السار في إمكانية تحسين صحة الميكروبيوم - إلى حدٍّ ما - من خلال تغييرات بسيطة في السلوك، إذ يُعتقد أنّ بعض الأطعمة كالشوكولا الداكنة تساعد في هذا المجال تماماً مثل قضاء الوقت في الهواء الطلق وفي المساحات الخضراء.

 

وفي هذا السياق، لا ينبغي للأطفال، على وجه الخصوص، أن يعيشوا في بيئة مفرطة التعقيم. كما أن الاتصال المنتظم بالحيوانات والوحل والجراثيم اليومية يساعد على ضمان وجود ميكروبيوم أكثر صحة. وبإمكان اليوم الأول من حياة الطفل أن يترك أثراً على الميكروبيوم الخاص به أيضاً، فالرضاعة الطبيعية وعملية المرور عبر قناة الولادة خلال الولادة الطبيعية على حدّ سواء تُسهمان بشكل كبير في جمع بكتيريا الأمعاء.

 

في المقابل، ولسوء الحظ، فمن شأن الأدوية والمضادات الحيوية -رغم أنها ضرورية لصحتنا في بعض الأحيان- أن تُضعِف الميكروبيوم وتُقلل من كميته في الأمعاء.

 

نقل القلق

 

حاولت العديد من التجارب إثبات وجود علاقة بين السعادة والميكروبيوم.

 

في دراسة مصغّرة نُشرت في ورقة بحث تمت مراجعتها من قبل الأقران، قام العلماء بفحص البكتيريا في البراز كمؤشر عن بيئة الأمعاء لدى 37 مريضا يعانون من الاكتئاب الحاد، ومقارنتها مع غيرهم ممن لا يعانون من الاكتئاب. واكتشف الباحثون أنّ الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب لديهم عدد أقلّ من بعض أنواع البكتيريا وعدد أكبر بشكل ملحوظ من أنواع أخرى.

 

كما أظهرت دراسة منفصلة أن الاكتئاب والقلق لدى الفئران يمكن أن يتأثرا بتغيير توازن البكتيريا في أمعائها، بينما قامت دراسةٌ أخرى بأخذ عينة من المجهريات المعوية لأشخاص يعانون من الاكتئاب الحاد، وحقنتها في فئران خالية من البكتيريا، فأظهرت هذه الفئران لاحقاً تغييرات سلوكية مرتبطة بالاكتئاب.

 

وعلى الرغم من أنّ هذا البحث مثير للاهتمام، إلا أن العلماء ما زالوا بعيدين عن التوصل إلى بيانات سريرية كافية لإثبات وجود علاقة بين ما نأكله والصحة النفسية بشكل قاطع.

 

ويُسهم تنوع الأمراض النفسية، إلى جانب العوامل اليومية دائمة التغير مثل تناول الطعام والنوم، في زيادة تعقيد إجراء التجارب المخبرية.

 

 

 

 

تكلفة الاكتئاب

 

قدّرت دراسةٌ أجرتها منظمة الصحة العالمية أنّ اضطرابات الصحة النفسية تكلّف الاقتصاد العالمي نحو تريليون دولار سنوياً.

 

كما أشارت الدراسة ذاتها إلى أنّ توسيع نطاق العلاج -بشكل رئيسي من خلال تقديم المشورة والأدوية المضادة للاكتئاب- سيكلّف مبلغاً إجمالياً قدره 147 مليار دولار أمريكي.

 

ولا يزال البحث في الرابط بين الاكتئاب والنظام الغذائي في مراحله الأولى، لكن المؤشرات المبكرة تدل على أنه من المستحسن أن تبذل الحكومات ما بوسعها للاستثمار في اكتشاف تلك الروابط.


تفاقم النزاعات أخطر ما يهدد ازدهار القارة السمراء

تلقّت المساعي الأفريقية لتحقيق ازدهار مستمر ومستدام ضربة موجعة في العام الماضي جرّاء أزمة كوفيد-19، إذ تشير تقديرات البنك الأفريقي للتنمية إلى تراجع اقتصاد القارة الأفريقية بنسبة 2,1 بالمائة عام 2020

ريح عاتية تعصف بقطاع الطاقة: الرياح تجري بما يشتهي البعض وتعاند الأكثرية

لا يخفى على أحد أن قطاع النفط والغاز واجه عاصفة شديدة أدت إلى اختلال توازنه. فقد شهد القطاع انخفاضاً حاداً في أسعار السلع وتراجعاً كبيراً في الطلب، وزاد إلى ذلك التصور السلبي المتصاعد تجاه استخدام الوقود الأحفوري لا سيّما في الدول الغربية. ولم تعد ش

ما الذي تعلّمته الحكومات من الأزمة المالية في 2008؟

تخلّف الجروح ندوبا، والأمر نفسه ينطبق على الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم في 2008، والتي باتت تعتبر أطول وأشد الأزمات الاقتصادية العالمية منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين. ​